الأخبار والنشاطات

الأربعين… رحلة يعانق فيها العراق شعوب الأرض على درب الحسين إلى كربلاء

الأربعين… رحلة يعانق فيها العراق شعوب الأرض على درب الحسين إلى كربلاء
تم النشر في 2025/08/14 01:57 68 مشاهدة

منذ أن بدأت رحلتي نحو كربلاء، شعرت أنني أدخل في نهر من البشر، لا بداية له ولا نهاية. حشود تتحرك كأنها موج واحد، قلوبها تنبض بإيقاع واحد، وأعينها تتجه نحو قبلة واحدة. في كل خطوة، كنت أسمع لهجات متعددة، وأرى وجوهًا جاؤوا من أماكن لم أزرها من قبل. كنت أقول في نفسي: هنا على هذه الأرض تتلاشى الحدود وتذوب المسافات ويصبح كل العالم جارًا لك وربما أخًا.

 موقع كربلاء الإخباري يسلّط الضوء في هذا التقرير على الأبعاد الإنسانية والاجتماعية لهذا المشهد العالمي الفريد، الذي يجعل من كربلاء قلبًا نابضًا لكل الشعوب.

ملايين على درب واحد

هذا العام، وبحسب ما أعلنت المنافذ الحدودية، دخل العراق ما يقرب من 4 ملايين زائر أجنبي، أغلبهم من إيران وباكستان، والبقية من لبنان والهند ودول الخليج، وحتى من أوروبا وأميركا. الأرقام الكبيرة هذه ليست مجرد إحصاءات، بل قصص ملايين الأقدام التي اختارت أن تمشي على درب الحسين، وملايين القلوب التي فتحت أبوابها قبل بيوتها. في السنوات الماضية، وصل العدد إلى أكثر من 22 مليون إنسان، ما يجعل الأربعين أكبر لقاء سنوي سلمي على وجه الأرض.

الضيافة… حكاية لا تُروى

من يزور كربلاء في الأربعين يدرك أن الضيافة هنا ليست عادة اجتماعية فحسب، بل عقيدة تتوارثها الأجيال. أصحاب المواكب يقدّمون كل ما يستطيعون، من الطعام والماء والمأوى، بلا مقابل، وبابتسامة تقول: "أنت ضيف الحسين قبل أن تكون ضيفي". هذه الروح هي ما يجعل الزائر الأجنبي يشعر وكأنه بين أهله، حتى لو كانت هذه زيارته الأولى للعراق.

العالم في كربلاء

في لحظة ما، وأنت وسط الحشود، تدرك أنك ترى نسخة مصغّرة من العالم، لكن بقلوب أكبر. ترى الإيراني بجانب الباكستاني، والعربي بجانب الهندي، والأوروبي بجانب الأميركي، والجميع يسيرون بخطى متساوية نحو ضريح الحسين. هنا، لا فرق بين لون أو جنسية أو لغة… الكل يعرف لغة العيون المليئة بالشوق، والدعاء الصامت في الطريق.

أكثر من حدث ديني

الأربعين ليس مجرد مناسبة دينية بل منصة للتواصل الإنساني ورسالة مفتوحة إلى العالم بأن هناك مكانًا يجمع كل هؤلاء المختلفين في سلام ومحبة وربما لهذا السبب، يعود الزائرون عامًا بعد عام، وكأنهم يعودون إلى بيتهم الأول.
موقع كربلاء الاخباري 
تقرير/ فاطمة صالح